emy عضـــــو فعـــــــــال
عدد المساهمات : 75 نقاط : 227 السٌّمعَة : 1 تاريخ التسجيل : 12/11/2010 العمر : 36
| | التعليم وسوق العمل والبطالة في البرامج الانتخابية | |
حتلت قضايا التعليم وسوق العمل موقعا رئيسا في معظم برامج الأحزاب والقوي السياسية المشاركة في الانتخابات البرلمانية الحالية. كما أجمعت معظم هذه البرامج علي ضرورة التصدي لمشكلة البطالة واتخاذ السياسات الملائمة للقضاء علي آثارها السلبية. وبرغم أهمية هذه القضايا
وضرورة إفساح المجال بالبرامج الانتخابية لتناول كل منها علي حدة, لما لها من تأثيرات متعددة في المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية, فإن ارتباطها أو تشابكها البيني يتطلب صياغة رؤية متكاملة بشأنها مجتمعة, وهو ما لم يتحقق بشكل صريح في معظم البرامج المقدمة. إذ تركز معظم البرامج في توجهها العام علي الزيادة الكمية لفرص العمل خلال الدورة البرلمانية المقبلة, أو فترة الانتخابات الرئاسية المقبلة بمعدلات نمو تختلف من حزب الي آخر وفق سياسات مختارة. وبرغم أهمية التوجه نحو زيادة فرص العمل أي الارتفاع بمعدلات الطلب علي خريجي مراحل التعليم المختلفة فإنه يتعين التصدي لمشكلة البطالة من خلال رؤية إستراتيجية متكاملة تسمح بإحداث تغيرات ملموسة في منظومة التعليم المصري( بهدف التأثير في خصائص قوة العمل المصرية وسماتها المميزة) وتطوير البنية الأساسية والهياكل المؤسسية وآليات العمل بالأسواق الاقتصادية( بهدف تحديد متجهات الطلب علي قوة العمل وتوزيعها المهني). وتمثل العلاقة بين مخرجات العملية التعليمية ومتطلبات سوق العمل إحدي القضايا الإستراتيجية المؤثرة في مسار التنمية في مصر من حيث انعكاساتها السالبة علي معدلات البطالة وإنتاجية العمل والاختلالات الهيكلية التي تعاني منها أسواق العمالة في مصر. حيث يعتبر هذا الاختلال الهيكلي من أهم المشاكل التي يتعين التصدي لها من قبل متخذ القرار السياسي علي المستوي الوطني. إذ يمكن تفسير مشكلة البطالة الهيكلية التي يعاني منها الاقتصاد المصري ليس فقط بالفجوة الكمية بين حجم المخرجات التعليمية وما يمكن أن يوفره المجتمع وقطاعاته الإنتاجية من فرص عمل للخريجين, ولكن أيضا بقصور مؤسسات التعليم الوطنية في إعداد خريج قادر علي التفاعل مع متطلبات أسواق العمل والمنافسة علي المستويين المحلي والإقليمي بما يتناسب مع عصر العلم والمعرفة وعولمة الأنشطة الإنتاجية والخدمية. وتكمن صعوبة التصدي لمشكلة ارتفاع معدلات البطالة بين شباب الخريجين وتدني مستويات إنتاجية العمل في كونها قضية متعددة الأبعاد ومتداخلة الجوانب. إذ أن تحديد حجم فرص العمل المتاحة وتوزيعها القطاعي والمهني يخضع بالأساس الي حزمة السياسات الاقتصادية والاجتماعية المتضمنة بالخطة الإنمائية وبرامج الإصلاح والتكيف الهيكلي. ومن ثم فإن عرض فرص العمل يعود الي معدلات النمو الأقتصادي وقضايا توزيع الدخل واتجاهات الاستثمار ومستوي الرفاهية الاجتماعية للمواطنين واستراتيجيات تنويع القاعدة الإنتاجية وسياسة تنمية الصادرات. في حين ترتكز مخرجات العملية التعليمية علي أهداف إتاحة التعليم الأساسي لأكبر عدد من السكان وتعظيم معدلات الالتحاق بالتعليم العالي وسياسات ضمان الجودة والاعتماد, وتحفيز الطلب علي التعليم الفني. فقد ركزت الخطة الإستراتيجية للتعليم العالي للأعوام(6002 ـ1202) علي الارتفاع بمعدلات الالتحاق بالتعليم العالي للشريحة العمرية من81 ـ32 عاما, مع تنويع التخصصات بما يسمح بإحداث التوازن الهيكلي المرغوب في عرض الخدمات التعليمية وتعظيم دور التخصصات الفنية والاعتماد علي توجه البرامج الجديدة بالتعليم العام وزيادة دور القطاع الخاص. أي أن الخطة قد توجهت بالأساس الي تنويع وزيادة حجم الخريجين من خلال زيادة عرض الخدمات التعليمية. ومن هنا تصبح الحاجة الي دراسة شاملة للربط بين قوي العرض واتجاهات الطلب بسوق العمل أمرا ضروريا. وتشير الدراسات الخاصة بسوق العمل ومخرجات التعليم المصري في بداية الألفية الثالثة الي عدد من النقاط التحليلية التي يتعين مراعاتها عند صياغة البدائل المتاحة للقضاء علي معضلة البطالة: 1ـ تتركز معدلات البطالة بالأساس في شريحة الخريجين بمؤهل متوسط أو شهادة جامعية. إذ تفيد مؤشرات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء( لعام8002) بأن نصيب خريجي الشهادة المتوسطة في جملة العاطلين يصل الي(16%), في حين تقدر حصة الحاصلين علي شهادة جامعية فأعلي نحو(72%) من جملة العاطلين. 2 ـ يعجز العديد من خريجي الجامعات( نحو05%) عن الحصول علي فرصة عمل في المجالات التي درسوها, وعلي وجه الخصوص خريجو الإنسانيات والتجارة والزراعة. وتمثل هذه الظاهرة نوعا من الهدر في العملية التعليمية حيث يتراجع تخصص الخريج عند حصوله علي عمل مقابل ما يملكه من قدرات ومهارات شخصية. 3 ـ يطلب أرباب العمل خريجين لديهم المعرفة الفنية بمجال العمل, ويتمتعون أيضا بالمهارات الأولية في الاتصال, والعمل بروح الفريق, وحل المشكلات, والقدرة علي التكيف مع بيئة العمل. 4 ـ يتمتع العديد من خريجي الجامعات بمهارات غير ملائمة للوظائف التي يتقدمون لشغلها وبما يتطلب إعادة النظر في المناهج الدراسية والتدريب العملي لمواكبة ديناميكية أسواق العمل في مجتمعات الحداثة والمعرفة. ومن هنا فإن تكوين شخصية متميزة للطلب ـ خلال فترة دراسته يمثل مطلبا مهما لنجاحه في الحصول علي فرصة عمل مناسبة. 5 ـ تفيد نتائج الاستبيانات علي مستوي طلاب الجامعات بعدم رضائهم عن المسارات التعليمية التي لا تساعدهم علي تنمية المهارات العلمية المطلوبة بأسواق العمل. 6 ـ تظهر الإحصاءات التحليلية عن سوق العمل نقصا في العمالة الماهرة المؤهلة علي المستوي دون الجامعي. ويعكس عدم التوافق بين العرض والطلب بسوق العمل اجتماع عدة عوامل تتضمن علي سبيل المثال: انعدام خدمات التوجيه للمستقبل الوظيفي, وعدم إجراء مسوح منتظمة لوجهات الخريجين ورضاء أرباب العمل عنهم, وضيق مسار التعليم الثانوي, وانعدام الفرص لتعلم مهارات متعددة والحصول علي فرص ثانية, وقلة حالات التدريب المتكامل أثناء العمل. ومن ثم فإنه يتعين علي متخذ القرار في مصر صياغة السياسات الملائمة في المجالات التالية: 1 ـ توفير المعلومات والمؤشرات التحليلية والإسقاطات المستقبلية في الوقت المناسب عن قوي العرض واتجاهات الطلب في سوق العمل. 2 ـ تحقيق المزيد من الاتساق بين خريجي الجامعات العامة والخاصة من ناحية, وخريجي التعليم الفني والمهني من ناحية أخري, بغية الارتقاءبنسبة الخريجين المتمتعين بالمهارات والقدرات المهنية المطلوبة في سوق العمل. 3 ـ التوسع في الفرص المتاحة للطلاب لإجراء دراسات من الممكن أن تسهم في زيادة معدلات التحاقهم بأسواق العمل, وهو ما يتطلب دراسات متعمقة عن حركة ومسار قوي العرض واتجاهات الطلب بالأسواق المصرية والإقليمية. 4 ـ دعم استقلال الجامعات وإعطاؤها المزيد من السلطات التقديرية لتقديم ورش عمل ودورات تأهيلية تستجيب لرغبة الطالب فيما يتصل بفرص التوظف في أسواق العمل. 5 ـ إضفاء بعد عملي علي المقررات الأكاديمية بالجامعات من خلال مشاركة أصحاب العمل والهيئات المهنية والنقابية في تصميم هذه المقررات وتقييمها. 6 ـ تطوير نظم للتوجيه وإسداء المشورة بشأن عرض الوظائف وفرص العمل للمساهمة في دعم الطلاب وأولياء أمورهم فيما يخص إجراء اختيارات تعليمية مستنيرة. نخلص مما سبق أن الأهداف الإنمائية بالبرامج الانتخابية يتعين أن يواكبها رؤي استراتيجية وسياسات متسقة تسمح بتحقيقها في مدي زمني محدد. | |
|